بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

سنة أولى أكل

حليب الأم هو غذاء الرضيع الكامل، ولكن إلى حين ...

         خلال الاسبوعين الأولين التاليين للوضع، ترضع الأم وليدها، بحليبها المبكر الذي يحتوي على كميه مرتفعه من الأضداد (Antibodies ) و المواد المناعية الآخرى الحامية من المرض . وتصل هذه المواد إلي أعلى مستوياتها خلال الأيام الخمسة الأولى، التي يعرف فيها حليب الأم باسم " اللبأ ". وقبل دخول الاسبوع الثالث بقليل، ينخفض تركيز هذه المواد بشكل متسارع، معلنا عن تحول هذا الحليب الانتقالي إلى حليب الأم المعتاد، الذي يقتصر دوره على التغذية. ومع توالي الأشهر، لا يعد حليب الأم يكفي حاجات الصغير الغذائية، مما يستدعي أضافة بعض الطعام المهروس إلى الحليب. و في الحقيقة، فلم تكن هذه الطريقة في تغذية من لم يكملوا السنة الأولى من العمر معتادة في الماضي، ولم تأخذ في الانتشار بشكل واسع، الا مع انقضاء الثلث الأول من القرن الماضي.

البداية في الشهر الخامس 


         يتفق الخبراء حالياً ، على أن بداية الشهر الخامس، هو الوقت المناسب لاعطاء الطفل بعض الطعام الاضافي، أما التبكير في ذلك ، فليس له أية منافع صحية، بل قد يتسبب في الضرر أحيانا . فمثلا، قد يؤدي إطعام الوليد ذو الشهرين والنصف بالخضر و منتجات الحبوب واللحوم المهروسة، إلى اجهاد كليتيه واصابته بالحساسية. كما قد يؤدي عدم نضج آليات بلع الطعام في هذه السن، الى التهاب الرئتين، نتيجة لتسلل الأطعمة إلي القصبة ا لهوائية. ومن ناحية اخرى ، قد يتسبب التأخر في اعطاء الطعام الاضافي إلى ما بعد سن الستة اشهر، إلى عوز جسم الرضيع للطاقة وبعض المواد المغذية، وهو الامر الذي قد يتسبب في تأخر تطوره الجسماني والعقلي.

          وقد تم اختيار سن الخمسة أشهر لانها تتميز ببلوغ التطور العصبي عند الرضيع إلى الدرجة التي تمكنه من تعاطي الطعام الأكثر كثافة من الحليب. ومن العلامات المميزة لهذه المرحلة، القدرة على الجلوس بمساعدة الوسائد، والتمكن من الاحتفاظ بوضعية الراس والرقبة بشكل جيد. كما يكثر الطفل في هذه السن، من وضع الأشياء في الفم للتعرف عليها، والتعبير عن الحاجة للطعام بفتح الفم ومد الراس إلى الامام ، وعلى الشبع بابعاد الراس إلى الخلف بعيدا عن الطعام.

          ويفضل بداية، اعطاء سائل خفيف من مسحوق الأرز المطبوخ، بمقدار ملعقة واحدة بعد الانتهاء من كل رضعة، ثم يتم زيادة الكمية بالتدريج مع مرور الأيام حتى تصل إلى نصف كوب يوميا. وينصح هنا باستخدام الملعقة لهذا الغرض بدلا من الزجاجة، لآن هذا يحسن بعض الآليات العصبية، التى يعتقد أنها تسرع في تطور القدرة على الكلام في وقت لاحق.

من السائل إلى المهروس 


         ومن المتفق عليه حاليا، أن الشهر السادس هو الفترة المناسبة لتغذية الطفل بمجموعة آخرى من مصادر الغذاء، اضافة إلى سائل مسحوق الارز. و يعني هذا في الممارسة العملية، اعطاء الرضيع بعض الخضر المهروسة، ودعم غذائه ببعض الفيتامينات. و كبداية يستخدم الجزر المهروس بعد طهوه، بكميات صغيرة مع الاهتمام بملاحظة عدم ظهور أعراض الحساسية ، مثل حكة الجلد واحمراره أو تغير ملمسه في الأيام التالية. وعندما تكون الامور على ما يرام، يضاف إلى الجزر مقدار 8 ملاعق صغيرة من البطاطس المطبوخة في الاسبوع التالي. وبعد انقضاء اسبوع آخر، يضاف إلى الخلطة السابقة، مقدار 18 ملعقة صغيرة من نوع جديد من الخضروات المهروسة، الممزوجة ببعض عصير البرتقال وملعقتين صغيرتين من الزيت الخفيف.

          وتكفي الكمية السابقة ليوم كامل، عند تقسيمها إلى ستة أجزاء يطعم الطفل بجزء منها كل مرة. وفي فترة لاحقة يتم دعم الوصفة السابقة كل ثاني يوم ، بأربعة ملاعق صغيرة من اللحم المفروم ناعما والمطهي، وذلك لاغنائها بالبروتينات والحديد.

          وبالطبع يلزم تخفيض كمية الحليب التي تعطى للرضيع إلى ما يعادل 3.5 - 4 اكواب يومياً فقط ، لكي يسد باقي جوعه بالطعام المهروس. وبصفة عامة يلزم اعداد الطعام من مصادره الطازجة، بدلا من الخضروات المحفوظة في العلب المعدنية. ويضاف منذ بداية الشهر السابع، بعض الملاعق من الحبوب المهروسة والمطبوخة في الحليب إلى الوصفة السابقة وذلك لدعمها بالكالسيوم والفسفور وفيتامين " ب2 ".

         ويعتبر الشهر السادس وقتا مناسبا لاعطاء الرضيع بعض عصير الفواكه في كوب، على الا تزيد الكمية اليومية منه على ثلاثة أرباع الكوب. و يفضل استخدام العصير الطبيعي المبستر الغير مضاف اليه السكر، ولا مانع اذا ما كان مدعوماً ببعض فيتامين "ج" . و يتفق على أن عصير العنب هو أحسن الأنواع التي تستخدم لهذا الغرض، اما عصيري التفاح والكمثري فيستحسن تجنبهما. ويجب الحذر من الافراط في اعطاء العصير، لأن ذلك قد يتسبب في معاناة الرضيع من الاسهال ومغص البطن، وكثرة حدوث الغازات. كما قد يتسبب الافراط في اعطاء عصير العنب، في اصابة الرضيع بفقر الدم الناتج عن نقص عنصر الحديد.

المسموح قبل الشمعة الاولى


         تختلف جودة حليب مرضعة عن أخرى، تبعاً لنوعية غذائها، ولهذا فقد تقل مستويات بعض أنواع الأحماض الدهنية الاساسية، و الفيتامينات في حليب من لا يحرصن على اساليب التغذية الصحيحة. ومن المعتاد، انخفاض مستوى فيتامين ب-12 والحديد في حليب من يتبعن بعض انواع التغذية اللانمطية (البديلة) التي تتكون من تغذية نباتية اجمالا، وتفتقر إليىاللحوم لوحدها، أو اللحوم وباقي منتجات الغذاء الحيوانية كاللبن والبيض. وقد يحتاج أطفال هاتي السيدات إلى جرعات يومية من فيتامين "ب 12" و الحديد، لكي لا يصابوا بفقر الدم وتاخر النمو. وعادة ما تكون مشكلة نقص الحديد أشد وقعاً على الرضع، اذا ما كانوا من الخدج ( المولودين قبل الأوان ) او الأطفال ذوي الاوزان الصغيرة جداً عند الولادة

          وقد يكون من اللازم أحيانا اعطاء الرضيع فيتامين "د" لحمايته من مرض "الرخد" المعروف باسم "الكساح" ، خاصة اذا كانت المرضعة ممن يرتدين النقاب أو الحجاب ولا يتعرضن لأشعة الشمس المباشرة إلا فيما ندر.

ممنوعات السنة الاولى


        قد يقل حليب الأم بشكل مبكر احيانا، و لا يعد يكفي الرضيع الذي لم يبلغ شهره الخامس بعد، وهو الأمر الذي يدفعها إلى استعمال حليب الرضاعة المصنع. ويعد هذا الحليب من حليب البقر بعد تقليل محتواه من المواد البروتينية ودعمه بالسكريات و الحديد وبعض الفيتامينات والمركبات الآخرى.

         غير أنه لا يجب بأي حال ارضاع الطفل الأصغر من خمسة أشهر بحليب حليب البقر الكامل أأو الحليب المكثف (الحليب المعقود) المصنوع منه، لانهما يحتويان على كميات غير مناسبة للرضع من البروتينات والسكريات. وقد يؤدي تجاهل النصيحة السابقة إلى اجهاد جسم الطفل، واحتمال اصابته بنوع خاص من الحساسية، يتميز بفقد مزمن للدماء في البراز بشكل غير مرئي، مما يؤدي إلى تأخر نموه.

        هذا كما يلزم تجنب تقديم أنواع الطعام الصلبة والدائرية كالبندق وثمارالعنب والجزر النيئ للطفل الذي لم يكمل السنة، لأنها قد تتسبب في اختناقه. وينطبق التحذير السابق على العسل، وهو الذي قد يتسبب في تسمم الطفل "بذيفان السجقية" (botulism) الخطر أيضا، وهو سم بكتيريي يلوث العسل أحيانا. 


___________________________________________________ 
 Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher 
 حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق